شهدت أسواق النفط هذا الأسبوع هبوطاً حاداً جديداً، ما زاد الضغط على العملات المرتبطة بالسلع في وقت تعود فيه شهية المخاطرة العالمية إلى التراجع. فقد انخفض خام برنت بأكثر من 4% مقترباً من 58.5 دولاراً للبرميل بعد أن أقرت أوبك عملياً بأن المعروض يتقدم على الطلب، بينما أشارت عدة جهات تحليلية إلى عودة أسرع من المتوقع إلى فائض في الإمدادات. في المقابل تظهر البيانات الأخيرة أن تعافي الطلب العالمي لا يزال تدريجياً، مع تمركز الجزء الأكبر من النمو في الصين، في حين يبدو الاستهلاك في الولايات المتحدة متقلباً وغير متماسك.

بالنسبة لمتداولي الفوركس، تحمل هذه التطورات رسالة مزعجة: النفط يتصرف الآن بدرجة أقل كسوق «شحيح الإمدادات» وبدرجة أكبر كمقياس لقلق الاقتصاد الكلي. عملتا كندا والنرويج، اللتان تستفيدان عادة من ارتفاع أسعار النفط، تراجع أداؤهما مع تزايد التساؤلات حول كيفية انعكاس ضعف الإيرادات النفطية على النمو والميزانيات العامة. أما الروبل الروسي فما زال مقيداً بالعقوبات وخصومات التسعير، في حين يحاول عدد من المصدرين في الشرق الأوسط حماية أولوياتهم المالية من دون إشعال حرب أسعار جديدة.

لماذا يهم ذلك سوق العملات؟
الموجة الأخيرة من انخفاض أسعار النفط تعزز عودة التدفقات نحو الدولار الأمريكي والأصول الآمنة. فالأسعار المنخفضة عادة ما تضغط على توقعات التضخم وتمنح البنوك المركزية في أوروبا وأجزاء من آسيا مساحة أوسع للإبقاء على نبرة تيسيرية، وهو ما يوسّع فروق العوائد لصالح الدولار. العملات ذات الحساسية العالية للنمو العالمي والسلع، مثل الكرونة النرويجية والدولار الكندي إضافة إلى بعض عملات المنتجين في الأسواق الناشئة، باتت تتصرف أكثر فأكثر كأدوات تعكس مستوى التقلب لا مجرد رهان بسيط على اتجاه النفط.

ما الذي يراقبه المتداولون بعد ذلك؟
تتجه الأنظار الآن إلى اجتماعات أوبك+ المقبلة، وإلى بيانات المخزونات من الولايات المتحدة والصين، وأي إشارات على استعداد المنتجين لخفض أعمق في الإمدادات بهدف استقرار الأسعار. صدور إشارة موثوقة على تشديد المعروض قد يخفف الضغط عن العملات الحساسة للنفط ويحد من تقدم الدولار الأخير. أما إذا استمر الإنتاج عند مستويات مرتفعة بينما يخيب الطلب الآمال، فقد يتعمّق «خصم النفط» في سوق العملات، ما يفرض جولة جديدة من إعادة التسعير على سلة العملات السلعية مع اقتراب نهاية العام.